العمر الزمني و البيولوجي للاعبي كرة القدم

تؤثر التجارب و العوامل الجديدة التي يتعرض لها لاعبي كرة القدم الأطفال و اليافعين على طريقة إدراكهم و تصرفاتهم و تفاعلهم في سياقات مختلفة خلال تدريبات كرة القدم، مما يخلق فروقات متباينة في العمر الزمني و البيولوجي و في عدة مهارات و قدرات جسدية و ذهنية.

لذلك عليك كمدرب إيجاد الحلول من أجل تطوير أداء اللاعبين بشكل فعال و ذلك من خلال فهم و معرفة التطور الجسدي والنفسي للأطفال والذي بدوره سيساعدك على مقابلة كل طفل إنطلاقاً من قدراته الجسدية و المهارية التي يمتلكها في الوقت الحالي وحسب ظروفه الشخصية.

في كثير من الأحيان يكون الفريق الواحد يضم بعض اللاعبين الذين يمتلكون قامة طويلة أو بنية جسدية قوية أو كتلة عضلية كبيرة بالمقارنة مع باقي الأطفال في الفريق وهذا يعود لوجود عمرين مختلفين للإنسان وهما العمر الزمني و البيولوجي.

ما هما العمر الزمني و البيولوجي؟

العمر الزمني هو عدد السنوات التي انقضت منذ ولادة الطفل، أما العمر البيولوجي هو سن النضج الجسدي للطفل. لذلك نرى في المجموعة التي يكون فيها العمر الزمني هو نفسه لجميع المشاركين لا يزال هناك اختلافات كبيرة في العمر البيولوجي، مثلاً في طول القائمة أو حجم الكتلة العضلية و العظام أو حتى في قوة العضلات.

وهنا تقع المسؤولية على المدرب في تهيئة الظروف المناسبة و المناخ الآمن و التدريبات الملائمة لجميع اللاعبين لكي يتطور أدائهم النفسي و الجسدي و المهاري على حد سواء بدون أن يشعروا بالفوارق التي من الممكن أن يخلقها العمر البيولوجي.

ماذا يجب على المدرب أن يفعل في حال وجود فروقات بين اللاعبين؟

في حال وجود فروقات بين العمر الزمني و البيولوجي للاعبي كرة القدم على مدرب الفريق في هذه الحالة أن يتحلى بالعدل و المساواة من خلال معاملة عادلة لجميع اللاعبين. على المدرب عدم التمييز و الاعتماد فقط على اللاعبين الذين يمتلكون كتلة عضلية أكبر أو قامة أطول. ليس بالضرورة أن يمتلك هؤولاء اللاعبين مهارات وتقنيات كروية أفضل أو حتى نضوج ذهني و تكتيكي أعلى لذلك يجب توفير كافة الإمكانيات و الفرص لجميع اللاعبين لتطوير قدراتهم في معظم الجوانب ومن ثم اختيار الأفضل لكل مباراة بغض النظر عن العمر الزمني و البيولوجي و الفوارق التي تنشأ في البداية لاعبي الفريق.

على سبيل المثال إذا كان لديك لاعبين في خط الدفاع الأول لديه قامة طويلة و الثاني قامته قصيرة عليك هنا تدريب الإثنين على الجوانب الضعيفة لديهم دون النظر إلى الاختلاف في الطول. فربما اللاعب الأقصر قامة لديه مهاراة جيدة في الاستلام و التسليم و لكن قدرته على الارتقاء للأعلى منخفضة،

هنا يمكن التركيز على تقوية عضلات الفخذين و المعدة و الجذع للاعب و إخضاعه إلى تنفيذ تمارين الارتقاء في عدة حالات و باستخدام التكنيك الصحيح و الموارد و المعدات المساعدة. وهنا نستخلص أن المقدرة على الارتقاء للأعلى لا تتعلق فقط بطول القامة و إنما بعدة عوامل أخرى منها قوة العضلات و التكنيك المستخدم و التوقيت و اتجاه وقوف الجسم و أيضاً إنسيابية الجهاز العضلي و الهيكل العظمي لكل لاعب على حدة.

كم يزيد طول الأطفال سنوياً؟

طول الأطفال ينمو بمقدار 4 إلى 6 سنتمترات كل عام، وفي فترة المراهقة يصل النمو إلى 10 سنتمترات كل عام. يزيد الطول عند الإناث في وقت مبكر أكثر من الذكور. لا يزيد الطول عند الذكور بشكل مفاجئ إلا حتى يبلغون سن معينة. فالكثير من الذكور يزداد طولهم بشكل مفاجئ و كبير بين سن 14 و 17 عام.

ودائماً ما يكون للرياضة وممارستها و تناول الغذاء الصحي المناسب خلال السنوات السابقة الدور الإيجابي الأكبر في مساعدة الجسم على النمو و زيادة الطول بشكل فعال و طبيعي.

العمر الزمني والبيولوجي للاعبي كرة القدم
الهوية و الشخصية

الهوية و الشخصية تجعل كل شخص فريداً لذلك عليك كمدرب تعزيز هذه الصفة في اللاعبين فهي تعطيهم الشعور بالأمن والثقة و الوجود.

تتطور الهوية بالتفاعل مع البيئات المختلفة التي يجد الفرد نفسه فيها مثل الفريق والعائلة والمدرسة والأصدقاء. عادة ما يكون للبيئات التي يحددها الفرد بنفسه أهمية أكبر لكيفية تطور هويته وشخصيته.

إذا كانت المدرسة و العائلة تُشعر الطفل في وجوده و هويته فيجب تعزيز هذا الشعور أيضاً خارج نطاق الأسرة والمدرسة وهنا أقصد في الرياضة أو خلال ممارسته لرياضة كرة القدم وذلك من أجل خلق التوازن المناسب.

على سبيل المثال الأدوار التي يقوم بها الطفل في المدرسة أو النادي أو الأكاديمية هل تعطيه نفس الشعور بهويته و شخصيته؟ إذا كان هناك توازن بين الأدوار المختلفة في البيئات و الأماكن المختلفة يصبح من السهل على الطفل أن يرى الأمور بشكل أوسع و يشعر بالاطمئنان و بهويته و شخصيته و هذا يؤدي إلى تطور أسرع و أفضل في العوامل المختلفة التي يحتاج الفريق إلى تطوريها خلال تدريبات كرة القدم. لذلك على المدرب أن يسعى دائماً لمساعدة جميع الأطفال من أجل الشعور بهويتهم و شخصيتهم

تطوير الجانب الجسدي

يتأثر نمو الأطفال بالوراثة والبيئة. التطور مستمر ويمر جميع الأطفال بنفس فترات النمو على الرغم من أن توقيت وطول هذه الفترات قد يختلفان. بغض النظر عما إذا كان الطفل قد نما مبكراً أو متأخراً فمن الممكن التأثير على منحنيات نمو الطفل أثناء النمو من خلال النشاط البدني المنتظم.

لذلك أحرص على أن يكون برنامجك التدريبي متنوع ويحتوي على فترات تدريبية تهدف لزيادة و تطوير الجانب الجسدي و البدني ولكن في نطاق النشاطات المرحة و بإدخال نوع من المنافسة و التحدي عليها لتعطيهم شعور بالمرح و الحماس و الرغبة بمواصلة لعب كرة القدم.

العمر الزمني والبيولوجي للاعبي كرة القدم
تطوير حركات الجسم الرئيسية

معدل التطور عند الأطفال يكون فردي وانطلاقاً من ظروفهم الشخصية و الصحية ولكن لا تزال هناك ميزات تميز التطور الحركي الطبيعي للأطفال. خلال بعض الفترات القصيرة يمكن أن يكون التطور بطيئاً للغاية وهذا ما يسمى بالهضاب التنموية.

التطور النفسي

يمكن تقسيم التطور النفسي تقريباً إلى أربعة مجالات تعمل معاً: وهي الادراكي والأخلاقي والاجتماعي والعاطفي.

لا توجد حدود عمرية مطلقة للتطور النفسي ويمكن أن تكون هناك اختلافات كبيرة بين اللاعبين في نفس الفريق. وهنا إليكم تعريف مختصر عن المجالات الأربعة.

التطور الإدراكي

هو التطور الفكري عند الطفل بما في ذلك اللغة والذاكرة والتعلم والإبداع وحل المشكلات. وهذا يؤدي إلى زيادة قدرته على كسب المزيد من المهارات الكروية و التكتيكية ومحاولة إيجاد الحلول بنفسه داخل الملعب.

التطور الأخلاقي

هو قدرة الطفل على إدراك الأفعال الصحيحة أخلاقياً، أي ما هو الصواب وماهو الخطأ. وهذا يلعب دور كبير في سلوكه و تأقلمه مع الفريق و احترامه لمن حوله و لقواعد و تعليمات المدرب. كما سيؤثر ذلك إيجابياً على سلوكه في تقبل الخسارة و احترام الخصم وقرارات الحكم.

التطور الاجتماعي

هو أن يكون الطفل اجتماعياً و لديه القدرة على التأقلم مع أصدقائه و مشاركتهم النقاشات و أن لا يكون منطوي على ذاته فهذا يؤثر على علاقته مع اللاعبين الآخرين و مستوى التعاون بينهم داخل الملعب. لذلك يقع عليك كمدرب للفئات العمرية جانب تربوي وذلك من خلال سعيك لمساعدة الأطفال على تعلم الأدوار والمعايير الاجتماعية.

التطور العاطفي

هو قدرة الطفل على التواصل والشعور بالقرب من الآخرين وتطوير شعوره بالاستقلال. وهذا يعني أنه عليك كمدرب السعي لعدم تواجد أي لاعب خارج المجموعة أو انعزاله عنها فهذا يؤثر كثيراً على سلوكه ومشاعره بشكل سلبي داخل الملعب و في التدريبات، وهذا يمكنك تفاديه من خلال خلق تمارين هدفها زيادة تعارف اللاعبين أكثر على بعض و زيادة المحبة والتعاون فيما بينهم.

ملخص

إذا واجبك كمدرب في الفريق لا يقتصر فقط على تخطيط البرامج التدريبية و تعليم اللاعبين مهارات كرة القدم و خططها التكتيكية و إنما تقع عليك أيضاً مسؤوليات أخرى مثلاً كفهم اللاعبين و السعي على تطوير الجانب النفسي و الشخصي و تعزيز قدراتهم الجسدية في حال وجود فروقات بسبب تطور العمر البيولوجي.

 تنويه هام جداً

حقوق الملكية الفكرية و الطباعة و النشر محفوظة للكاتب و موقع Footballcoachmaster.com. لا يُسمح بنسخ نص المقال أو إعادة صياغته كتابياً أو شفهياً و نشره دون ذكر اسم الكاتب و المصدر و رابط المقال وأي مخالفة تحدث تُعرض صاحبها للملاحقة القانونية “سياسية الخصوصية“. في المقابل يسُرنا أن تكون أحد الأشخاص المساهمين بنشر المعرفة العلمية من خلال مشاركة المقال مباشرة بالضغط على إحدى أيقونات وسائل التواصل الاجتماعي في الأسفل.

للتواصل مع كاتب المقال Facebook Twitter

ساهم بنشر المعرفة
error: تحذير!! لا يُسمح لك بنسخ النصوص و المحتوى أو إعادة صياغتها ونشرها تحت طائلة المسؤولية و الملاحقة القانونية. يمكننا الكشف عن مصدر أي مخالفة عن طريق شركائنا المتخصصين في حماية حقوق الملكية و الطباعة و النشر. شكراً لك